فضاء حر

الدولة المدنية حل للنزاع بين شيعة علي وموالي معاوية

يمنات

النزاع الإيديولوجي (والمسلح أحياناً) بين جماعة الحوثي والتجمع اليمني للإصلاح هو أخطر ما تواجهه ثورة الحرية والتغيير اليمنية، فهو نزاع بين هويات مذهبية، تحركه العواطف، وليس نزاعاً سياسياً عقلانياً تحركه المصالح الاقتصادية والتنموية، وبالتالي فهو نزاع مدمر للمجتمع، نهى الخالق سبحانه وتعالى عنه، حيث قال تعالى: "وَأَطِيعُوا اللَّه وَرَسُوله وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَب رِيحكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّه مَعَ الصَّابِرِينَ".

وأخطر ما في هذا النزاع لغة التكفير التي برزت خلال الشهور الماضية، فبات كل طرف يدعي بأنه الممثل الشرعي والوحيد للشريعة الإسلامية، وأن الأخر خارج عن مبادئ الإسلام الصحيح. ولا يمكن تسوية هذا النزاع إلا إذا أدرك الفريقان (الحوثيين والإصلاحيين) ثلاث حقائق أساسية: الأولى، استحالة أن يقضي أحدهما على الآخر، والثانية، استحالة بناء دولة وفقاً للتصورات التقليدية لأي من المذهبين الإسلاميين الرئيسين (السني والشيعي) في العصر الراهن، فلم تستطع الثورة الإيرانية بناء دولة وفقاً للأفكار التقليدية لغلاة الشيعة، لاسيما الأفكار المتعلقة بولاية أهل البيت، ولم يستطع حزب الله في لبنان بناء دولة من هذا النوع، ولن يستطع، رغم امتلاكه القوة العسكرية التي تمكنه من القضاء على كل الأطراف اللبنانية الأخرى، (من المفارقات العجيبة أن يتهم السلفيون في التجمع اليمني للإصلاح وخارجه أتباع الحوثي والجماعات الشيعية الأخرى بالسلالية والعنصرية، لتبنيهم هذه الفكرة النظرية، ولا يتهمون العائلة السعودية بالسلالية والعنصرية رغم إثباتها مبدأ احتكار العائلة السعودية للسلطة في النظام الأساسي للدولة، وتطبيقه على مستوى الواقع)، وبالمقابل ليس هناك دولة في العالم الإسلامي مبنية على أساس أفكار المذهب السني التقليدي، فلم تبنى الدولة في نجد والحجاز أو في مصر أو غيرها على هذا الأساس، أما الحقيقة الثالثة فهي أن الحل الوحيد لهذا النزاع هو التحول نحو دولة مدنية ديمقراطية حديثة، وتحقيق هدف شباب الحرية والتغيير العظماء، الذين رفعوا شعار الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة منذ اللحظة الأولى للثورة، فالدولة المدنية هي تجسيد عملي لأمر الخالق سبحانه وتعالى للمؤمنين، في قوله تعالى: " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين"، فالدولة المدنية هي دولة يتوافق الشعب على مؤسساتها وتشريعاتها، وليست دولة لا دينية كما يروج بعض الجهلة والمتعصبين، ولكنها تقوم على المشترك بين الجماعات الاجتماعية والسياسية المختلفة، سواء كانت تتبنى إيديولوجيات دينية أو سياسية.

من حائط الكاتب في الفيسبوك  

زر الذهاب إلى الأعلى